الجمعة، 9 يناير 2009

رسالة إلى ,,ميوزتي ,,!! للقدير السطام

نحلق اليوم مع نص الأستاذ القدير السطام



رسالةٌ إلى .. مْيُوزَتِي




لا تَشْرخِي مرآة البياض ..
لا تصنعي من تمثالِ الحياةِ أصناماً للألم ..
لا تجعليني أتَجَرعُ علقم الحسرةِ بكأسِ الأيام ..
لا تَطْعَنِي خَاصِرَةَ اللحظة .. بِخنجرِ الغياب ..

.
.
.

أَقْبِلِي

أَقْبِلِي ..


ارْفَعِي سِتارَ الدَهْشَة
أيقظي الضَوءَ مِن سُباتِ الظلام
كُونِي كإحْدَى بَنَاتِ الشمس .. تُنِيرُ ولا تُحْرِقْ
ولْتَكُنْ كُلَّ بَنَاتِ زِيُوسْ في حَضْرَتِك
احْتَلِي كَهْفَ صَدْرِي
اتَخِذِي القَلبَ دَاراً
الرُوحَ دِثَارَاَ

:
:

كوني هنا ..
قَاب حَرْفَيْنِ أو أدنى

كوني هنا ..
لتواري سَوْءَةَ الفَقْد

كوني هنا ..
كَالتَّوَبَةِ لِلذَنبْ

كوني هنا ..
كَانْسِيَابِ الضَوءِ بِشُقُوقِ الأيام


سوياً ..
.
.
لِنُمارِس إيْقَاظ طُقُوسِ العِشْقِ في كُلِّ حِين ..
لِنَحْمِلْ جُثْمَانَ الغِيابِ إلى مَقْبَرَةِ النِسْيَان ..
.
.

وأَعِدُكِ ..

سَأصْهَرُكِ شَوقاً ..
لِنَتَمَازجَ عِطْرَاً ..
وأَسْكُبكِ عِشْقَاً ..
ليرتوي مِنكِ كَأسَ العَطَش..
فلا يَضْمَأُ بعده ..





أَقْبِلِي ..








قراءة أستاذنا الفاضل كمال أبو سلمى


الجمال الذي يصنعه التأريخ
رحلة بديع في نص/

رسالةٌ إلى .. مْيُوزَتِي


في معنى العنوان

إن أهم مايفتح أبواب النص ,وما يلفت الولوج إلى عوالمه ,والتفنن في طَرْقِ أبوابه ,والدَّلف إلى أغواره هو البحث عن عنوان يليق بهذا النص ,ولكي يحوز أي كاتب على أكبر عدد من المتلقين والقراء ,يجب عليه قبلا أن يختار عنوانا تشويقيا يضفي السحر والفضفضة على بساط الداخل., واختيار كاتبنا لنصه موضوع الحال كان من نصيبه الغموض والإيحاء,ولكن في جمال مستوحى من عبق التاريخ. فهو يوجه رسالة إلى ميوزته التي ربما نعرف معناها من خلال النص .......

ماهي الميوزة؟!..

أما معنى ميوزة أو ميوزتي فهي كلمة يونانية ومعناها إلهة الإلهام بحسب الميثولوجيا الإغريقية القديمة ,والتي هي عبارة عن مجموعة من الأساطير الآتية من المعتقدات والديانات التي احتضنتها الحضارة الهلينستية – الإغريقية-


في دنيا النص:

بدا لي من خلال إطلالة سريعة على النص ,أن صاحبنا قد وزع قصيده على ثلاث باحات جميلة ,تسر الناظرين ,وقد اكتشفت سبيل هاته الباحات التي تعانق شهد الكلام وتصنع من النص الجمالية والرونق والبهاء الذي لايوصف إلا بأرقى العبارات وأسجى الكلمات ,إنه باحث في الحب ,وباحث في جذور التاريخ ,ويعرج كطير على فنن ربيعي ,من خلال اعتماده على صور أخاذة من آي القرآن..مما زاد إشراقا في النص ,وضياء في القراءة..

لا تَشْرخِي مرآة البياض ..
لا تصنعي من تمثالِ الحياةِ أصناماً للألم ..
لا تجعليني أتَجَرعُ علقم الحسرةِ بكأسِ الأيام ..
لا تَطْعَنِي خَاصِرَةَ اللحظة .. بِخنجرِ الغياب ..

تنهيدة تعرج على روح الألق السحري ,وطربية تفتن وسيج الأذن ,وتعاشرهتوف السمع البابلي ,عطرت القلب ,وموسقت الفؤاد فترنح الصباح البكر على هديل البوح ,وأريب الفوح ,ياسمينة تشذي العابرين إلى رحم الفضاءات الولهانة,
إن الإعتماد على المتن اللغوي ,مع التمكن من المتن البياني والتغني بعاطر الكلمات يجعل من النص أبهة وصوت وعل يعاشش في دنيا الضياء,

لاتشرخي مرآة البياض

وقفت مليا في هاته الكلمات الثلاث ,بدت لي نصا قائما بذاته ,يحرك المشاعر ,ويغرس في الأنفس خاصرة تعانق الطيب ,وتقامر في طروبية الحبيب..إنه يدعوها لتبقي على هذا القلب الذي يغمره ,,أبيضا ناصعا كما الثلج,وهي دلالة تشبيهية على صفاء الحب ونقائه..هل اللون ينكسر تأملوا إذن هاته الماركة الراقية..
في متنه أعلاه يتوسل للحبيب براقي العبارة ,ووافر الحبكة ,والسباكة ,حتى لايبتعد عنه ,ويبقى أبدا إلى جانبه, في استعمال رهيب للمحسنات البديعية ,والتي غلب عليها التشبيه رأسا..

.
.
.

أَقْبِلِي

أَقْبِلِي ..


ارْفَعِي سِتارَ الدَهْشَة
أيقظي الضَوءَ مِن سُباتِ الظلام
كُونِي كإحْدَى بَنَاتِ الشمس .. تُنِيرُ ولا تُحْرِقْ
ولْتَكُنْ كُلَّ بَنَاتِ زِيُوس في حَضْرَتِك
احْتَلِي كَهْفَ صَدْرِي
اتَخِذِي القَلبَ دَاراً
الرُوحَ دِثَارَاَ
في سرحة من سرحات الخيال ,تعانق فياضات التروي ,وتغترف من حياض النشوة نسمة الحب ورقصة الجوري ,تسافر مع الكاتب هاهنا في رحلة عبر محيطات التاريخ ,لتتنفس وميض الحضارات الغابرة ,التي كانت تصنع من نسيج فكرها علاقة الإنسان بما يحوطه .وما أغراني هو تلك الصور الجميلة التي أدواتها ( ستار الدهشة ,سبات الظلام,بنات الشمس,كهف الصدر,القلب دارا ,الروح دثار ),وفي كل صورة من هاته الصور ترميز وإيحاء وتشبيه..وكذلك سجع في (دارا/دثارا)أما ماكان من زيوس فذاك شيء آخر ,ويظهر جليا أن صاحبنا قد درس التاريخ الإغريقي القديم :

زيوس

زيوس(أو باليونانية: ذِياس) من شخصيات الميتولوجيا الإغريقية، إله السماء والرعد. كان حاكما على الآلهة الأولمبيانية (نسبة إلى جبل أولمبيوس) أيضا. في المعتقدات الرومانية القديمة تم استبداله بشخصية "جوبيتر".

كان زيوس أصغر أبناء اثنين من الجبابرة كرونوس وريا، من بين إخوته يمكننا أن نعد:

بوسيدون.
هيرا.
ديميتر.
هيستيا.
تقول الأسطورة أن كرونوس، والذي كان يخشى أن يقوم أحد أبناءه بخلعه من على عرشه، كان يقوم بابتلاعهم بمجرد ولادتهم، فقامت زوجته ريا بإنقاذ ابنها زيوس من ميتة محققة، عندما أخفته في جزيرة كريت. نشأ زيوس تحت رعاية الـحوريات كما تولت الشاة أمالتسيا مهمة إرضاعه.

عندما بلغ سن الرشد، أجبر "زيوس" أباه كرونوس على إرجاع أبنائه الذين ابتلعهم، وحاول هؤلاء الإنتقام من أبيهم. قامت الحرب بين الجبابرة والذين كان يقودهم كرونوس والآلهة والذين كان يقودهم زيوس نفسه، انتصر زيوس وإخوته في النهاية، وتم إلقاء الجبابرة في جوف ترتاروس، أصبح زيوس بعدها ملكا على السماء، كما كانت له الأفضلية على بقية الآلهة، تولى إخوته بوسيدون وهادس تدبير كل من ملكوت البحر والعالم التحت أرضي على التوالي. أما الأرض فقد تولى الثلاثة إدارتها بالتساوي.

:
:

كوني هنا ..
قَاب حَرْفَيْنِ أو أدنى

كوني هنا ..
لتواري سَوْءَةَ الفَقْد

كوني هنا ..
كَالتَّوَبَةِ لِلذَنبْ

كوني هنا ..
كَانْسِيَابِ الضَوءِ بِشُقُوقِ الأيام


سوياً ..
كيف لاتكون بقربه ,وهو الذي يلهمها بكل سفريات البوح ,وكل آهات المتأثر بالصبابة الحراقة ,المتوجع بصهد الجوى العذري ,والمتناسل من عطر الجاردينيا العالق بتفاحة العمر المتبسم كطفل حنت عليه أمه في رجرجة الوادي الضارب في دنيا الرقرقة..
.
.
لِنُمارِس إيْقَاظ طُقُوسِ العِشْقِ في كُلِّ حِين ..
لِنَحْمِلْ جُثْمَانَ الغِيابِ إلى مَقْبَرَةِ النِسْيَان ..


سوف لن تألوا عليك وقد كنت أميسها وأنيسها وحبيبهاوعاشقها ورميسها ورمسيسها ,الكل أنت ,والكلكل أنت ,الرمز أنت ,والصدق أنت,هل بقي مايوقظ في العشق من طقوس ,بعد أن تفرست في عرى الأنت؟؟..
.
.

وأَعِدُكِ ..

سَأصْهَرُكِ شَوقاً ..
لِنَتَمَازجَ عِطْرَاً ..
وأَسْكُبكِ عِشْقَاً ..
ليرتوي مِنكِ كَأسَ العَطَش..
فلا يَضْمَأُ بعده ..





أَقْبِلِي ..
يالله ,,جلال وجد ,ورواء جوى ,وعذرية تصل حد الجواد من الحب ,وهو أعلا درجات العشق وهو القاتل ,وكما يقال * ومن الحب ماقتل *,هو يواعدها ووعد المحب صدق للحبيب بأنه سيلهب أشواقها ,ليختلطا بأنسام العطر ,ويصاببها ذاك العشق المترنح في صفوة الهوى المتسربل في أضلاع الروح ,المتشظى بأتربة البوح ,والمنشطر نصفين نصف له ,وآخر لها ,هيض وبعض وميض ,شذرات في هدير القلوب ,ورغبات في سماء الأفئدة ,,,

تصحيح إجباري :

يضمأ ــــــــ يظمأ

الخلاصة:
نص باذخ ,لغة سليمة ومستساغة ,فيها الترابط والتلاحم بين العبارات ,,هناك جزالة وتتابع للكلمات بمنطق الأول بالأول ,وحي من الرمز والإيحاء وظفه الكاتب كدلالة على ترقيع مابالداخل تجسيدا للستر الذي ينبض من عرين القلب,وظف المحسنات البديعية وبخاصة التشبيه والسجع ,في مواضع كثيرة ,كدلالة على محاولة إشباع الفهم لدى المتلقي ,وقد أجبرني على الوقوف كثيرا في محطات نصه .مما يعني أن كاتبه له خبرة بالميدان اللغوي والتاريخي ,والجمالي ,وباعه طويل في الرمز والمنطق الدلالي الذي يغذي روح الشعر وفكهة اللغة,أقدم باقة ورد وقبلة احترام وتوقير تبجيلا لهذا الكبير الذي أرخ لمسيرته بنص من نصوص الشعر الراقي ..

********* تحية محبة ورضا ********

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق